عطر الياسمين Admin
عدد المساهمات : 184 تاريخ التسجيل : 03/03/2010
| موضوع: ''نمر مدينة وي'' الخميس مارس 18, 2010 9:42 am | |
| حكاية شعبية من الصين، تقول إن حرباً دارت بين مملكتي وي وزهاو، فانتصرت الأخيرة، وتقرر نقل الأمير ووزيره إليها. حين جاء الوزير مودعاً الأمير، سأله: يا مولاي، لو أخبرك شخص أن نمراً يعيش في طرقات مدينتنا، هل ستصدقه؟ رد الأمير مستنكراً: كلا، كيف يعقل أن يعيش نمر في طرقات مدينتنا؟ قال الوزير: ولو جاءك اثنان وقالا ذلك، هل ستصدقهما؟ أومأ الأمير بيده نافياً. قال الوزير: ولو جاءك ثلاثة وجميعهم قالوا إنهم شاهدوا نمراً يعيش في طرقات مدينتنا؟. أجاب الأمير: لو أخبرني الثلاثة جميعاً بذلك، سأصدقهم بلا ريب. قال الوزير: من الواضح أنه لا يعقل وجود نمر يعيش في طرقات مدينتنا. لكن إذا قال ثلاثة أشخاص ذلك، فإن حديثهم سيجعل الأمر، يبدو لك، وكأن نمراً حقيقياً يفترس الناس في طرقاتنا. ولأننا يا مولاي، مازلنا هنا، فإنه سيأتيك من عاصمة (زهاو) البعيدة جداً عن مملكتنا، أكثر من ثلاثة، سيفترون علي ويغتابونني، وآمل منك يا مولاي، أن تختبر حقيقة الأمور جيداً. رد الأمير: بالتأكيد، وهل أشك في وزيري! قبل أن يبدأ الوزير رحيله، جاء حشد من الناس يغتابونه عند الملك. في نهاية الأمر، صدق الملك أحاديثهم. وحينما عاد الوزير نهاية رحيله، لم يقبل الأمير حتى مجرد لقائه. أمران يجعلان الروايات المختلقة والمشبوهة، تبدو كأنها حقيقة: حشد يشهد بحقيقتها، وتكرار يثبِّتها مع الزمن. كلاهما (الحشد والتكرار)، قد يلبساننا بالوهم، لا لما يملكان من قدرة على الإقناع، بل لفرط ما يتيحان للاختلاق من مساحة تداول واسعة ينتشر فيها ويتمكَّن بها ويتقوَّى. عبر الوقت، تتمكن هذه المساحة من تغييب دهشة السؤال، والتخفيف من حدة التعجب والاستنكار، ثم لا يلبث الوهم، أن يستحيل بعدها من رواية مستنكرة، إلى أخرى مألوفة، ثم لا تلبث هذه، بمزيد من الحشد والتكرار، أن تبدو كأنها الحقيقة عينها. لهذا كان يكفي الأمير ثلاثة من المتقولين، ليصدِّق أن نمراً يتجول في طرقات مدينته، وكان يكفيه حشد من المغتابين، ليصدق أن وزيره الأقرب، صار نمراً آخر. حكايات ونوادر من الصين القديمة. ترجمة إبراهيم بشمي. - | |
|