[size="5"][align=center]المرحلة الثالثة :
كيف نقرأ القرآن ؟
من عظيم شأن القرآن عند الذي تكلّم به سبحانه ، أن كيفية القراءة لم تُترك لنا ، بل جاء القرآن بالكيفية التي تكون عليها قرآته ، ومن ذلك :
• قوله تعالى {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً} (106) سورة الإسراء ، وهو أمر بالمكث وترك العجلة عند القراءة ، فعن مجاهد بن جبر ــ رحمه الله ـــ سُئل عن رجلين أحدهما قرأ البقرة وآل عمران والآخر قرأ البقرة ، وقيامهما واحد ، وركوعهما وسجودهما واحد ، وجلوسهما واحد ، أيهما أفضل ؟
قال : الذي قرأ البقرة وحدها أفضل ، ثم قرأ : {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} .
فهلاَّ استوقفت قلوبَنا أمثال هذه الفتاوى من هؤلاء الأئمة، وأيقظتها من غفلتها ؟
• وقال تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا } (4) المزمل ، قال ابن عباس : يقرأ آيتين ثلاثة ثم يقطع ، لا يُهَذرِم . وقال مجاهد : تَرسَّلْ فيه ترسلاً .
• وقد امتثل النبي صلِ الله عليه وسلم هذا الأمر :
ففي صحيح البخاري عن أنس رضى الله عنه أنه سئل عن قراءة رسول الله صلِ الله عليه وسلم هذ؟ فقال : كانت مدّا ، ثم قرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) يمد الله ، ويمد الرحمن ، ويمد الرحيم .
وروى أبو داود و الترمذي وغيرهما عن أم سلمة أنها نعتت قراءة النبي صلِ الله عليه وسلم بأنها : قراءة مفسرة حرفاً حرفاً. قال الترمذي : حسن صحيح غريب .
وقال قتادة : بلغنا أن عامة قراءة النبي صلِ الله عليه وسلم هذكانت المدّ .
• ومن الأدلة على كيفية القراءة قوله تعالى في سورة القيامة : {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) } إلى قوله تعالى {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)} .
هذه الآيات سبب نزولها معروف لكنها جاءت في سياق الكلام عن القيامة ، فالسباق في يوم القيامة وأهواله وحال الإنسان فيه ، واللحاق في العاجلة والآخرة والموت والبعث ، فلأي شيء جاءت هذه الآيات الأربع في هذا السياق ؟
إنه النهي عن العجلة في القراءة وتحريك اللسان بها سريعاً ، خصوصاً في مثل هذه الآيات العظيمات عن مقدمات القيامة وأهوالها .
• وأما الآثارعن السلف :
ففي الصحيحين عن ابن مسعود : أن رجلاً قال له : إني أقرأ المفصل في ركعة واحدة ، فقال : هَذَّاً كَهذِّ الشِّعر ، إن قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع .
وقال ابن أبي مليكة : سافرت مع ابن عباس فكان يقوم نصف الليل فبقرأ القرآن حرفاً حرفاً ثم يبكي حتى تسمع له نشيجاً .
وقال إسحاق بن إبراهيم الطبري قال ما رأيت أحدا أخوف على نفسه ولا أرجى للناس من الفضيل كانت قراءته حزينة شهية بطيئة مترسلة كأنه يخاطب إنسانا .
فيا أخا القرآن : هكذا ينبغي أن تكون كيفية قراءتنا لهذا القرآن العظيم حزينةً شهيةً بطيئةً مترسلةً ، وفقك الله لهداه .
[/align][/size]