عطر الياسمين Admin
عدد المساهمات : 184 تاريخ التسجيل : 03/03/2010
| موضوع: مصباح سليمان العتيق الأربعاء مارس 24, 2010 1:22 pm | |
| لطالما حلم يوما أن يملك قوى خفية تحقق له أحلامه المستحيلة ..الثراء ..العيش في قصر كبير ..وخادمات جميلات حوله، شقراوات وسمراوات ..كان يغمض عينيه كل مساء تاركا أفكاره تذهب بعيدا في عوالم لا نهاية لها من الأمنيات ليستيقظ في صباح يوم آخر نشيطا يدور بعربته مع الفصول والأيام، بحثا عن لقمة عيشه. انه في حاله فقر مستمر.. يعيش وحيدا في زريبة بائسة تضم حجرة صغيرة تحتوي على سرير حديدي صدئ ينام عليه ووسادة قطنية اتخذها حضنا لأحلامه ومع طلوع الشمس يرتدي هندامه القطني البالي الذي يضيق بجسده البدين ، ينطلق إلى عمله بعربته الخشبية ، يجري بها حماره العجوز ببطء فوق الطرقات ، يجوب الأزقة القديمة للقرية يشتري أشياء عتيقة نالت منها وطأة الزمن ، فأصبحت تعد من سقط المتاع..مدفئة مفككة صدئة ..خزانة خشبية مهملة ..مروحة مكسورة ،كراسي بالية وغيرها من أشياء، ليقوم ببيعها إلى صديقه غيلان الناصر صاحب محل الخردة في سوق القرية الذي ينتظره بدكانه ، حتى غروب الشمس، . ..وفي احد الأيام بينما كان يسير بعربته في احد الأزقة ،وقع عليه من السماء شئ ما ، شج رأسه .صرخ مرعوبا ،وأوقف فورا عربته القديمة بإشارة من سوطه إلى حماره العجوز ، واخذ يتلمس فروة رأسه ، رفع بصره إلى الأعلى حيث سطوح تلك البيوت الخربة،وراح يشتم من رمى عليه هذه الخردة ، لكن ما من مجيب .. حدث نفسه قائلا "انهم لا يملكون الشجاعة لمواجهته" ..واستمر يشتم ويلعن بكلمات لا يضمها اي قاموس شتائم في الدنيا..والقى نظرة إلى ذلك الشيء فوجد انه مصباح نحاسي قديم ..كالمصابيح السحرية التي نسمع بها في قصص الف ليلة وليلة .. التقط المصباح وتمتم مع نفسه " مصباح محطم لا فائدة فيه ..فلو كان ذا قيمة ما قذفوا به هولاء الحثالة "ورمى به مع الخردوات التي في حضن العربة .. ثم رمى بسوطه نحو الريح ليجد له مستقرا على ظهر ذلك الحمار المسكين .. كانت آلاما شديدة تلهب راسه، لذا قرر العودة إلى البيت ، دون أن يعرج على صاحبه بائع الخردة..في تلك الليلة،أحس بوهن شديد،فالقى بجسده في السريردون ان يتناول عشاءه، وراح يغط بنوم عميق ثم استيقظ بعد ساعات وهو يلهث وقد ارتفعت درجة حرارته حتى كان يهذي بكلام غير مفهوم، تناول جرعة ماء من صفيحة معدنية عند رأسه ثم عاد إلى سريره، للنوم ثانية وإذا به يسمع صوتا غريبا ،..نهض مذعورا وقلبه يخفق ، وقد دب النشاط في جسده المريض..اخرج ماسورة حديدية كانت تحت سريره هي سلاحه الذي يدافع به عن نفسه وقت الملمات ،وقد تخيل أن هناك لصا ما ،دخل زريبته ويحاول اقتحام حجرته هتف خائفا: ـ من هناك ؟ " واخذ يترقب بحذر . -ـ انا ..خادم المصباح.. ..كان الصوت يأتيه من خارج حجرته ..حيث الإسطبل الذي يضع فيه عربته وحماره وما يخزنه من خردوات . حمل مصباحا يدويا يحتفظ به ، فتح باب الحجرة..وقال بصوت عال : ـ أين أنت .؟.هيا اخرج لي أيها اللص ؟" .. - انا هنا ..اقترب ارجوك ..وساعدني في الخروج ..كان الصوت يصدر من مكان قريب من عربته ... ،خطا خطوات حذرة مقتربا من مصدر الصوت ..تأمل المكان جيدا على ضوء مصباحه. لا شيء هناك ..مجرد خردوات..ولم تمض لحظات حتى داهمه الصوت مرة اخرى: ـ انا هنا ..في المصباح . كان الصوت ينبعث من ذلك المصباح العتيق الذي سقط عليه نهارا....تساءل مع نفسه بدهشة : ـ المصباح يتكلم ، ااكون قد عثرت على مصباح علاء الدين دون ان ادري .؟..يا الهي ..كيف هذا ..يبدو انني جننت ،مد يده الى المصباح بحذر ورفعه من بين الخردوات ..لكنه بسرعة اسقطه من يده وهو يسمع الصوت الصادر منه مجددا.." ارجوك ساعدني على الخروج " ..حدق الى المصباح وهو بين مصدق مايسمعه ومكذب .. ـ كيف تريدني ان اخرجك ؟" -" فقط ادعك المصباح بيديك .." .. قال معربا عن قلقه -" لكني اخشى ان تغدر بي ان اخرجتك " .. -" اطمئن لن أؤذيك.. بل سأكفئك " .. ـ اذا كان هكذا ..فلا بأس . وكما في الحكايات ،مسح سلمان المصباح بكلتا يديه فاذا بمارد عملاق ينطلق من المصباح -" من انت ؟ "...قالها والذعر يملأ صوته وهو يرى ما يراه من العجب . -" انا ..خادم المصباح ..اشكر لك مساعدتي في اطلاق سجني بعد مضي دهور علي وانا داخله .. -" لكن لماذا طلبت مساعدتي في حين انك لم تطلب مساعدة من كانوا يملكون المصباح قبل رميه علي ؟ ".. ضحك المارد ضحكة عظيمة كادت تصم اذن الرجل المسكين ثم توقف متاملا اياه قائلا : -" ذلك البيت اللعين لم يكن تسكنه غير عجوز لا تسمع ولا تبصر جيدا ..ومن كثرة ما كنت اناديها وهي لاترد ،خلت انها مجنونة ..ومن حسن حظي انها رمت بالمصباح من سطح بيتها ليسقط داخل عربتك القديمة ". ـ اسمع جيدا .لا اسمح لك ان تتكلم بسوء عن عربتي الحبيبة "..قالها والعنفوان يملأه. -" عذرا ..بما اني وعدتك بمكافأة ..فلك ما تريد :" ثلاث امنيات احققها لك " .. اشرقت اسارير وجه الرجل وقال مسرورا : -" حقا .؟!!.اذن دعني افكر جيدا "..اخذ الرجل يذرع المكان جيئة وذهابا وهو يحدث نفسه ما هي اول امنية يختارها ..وفجأة لمع في مخيلته ان يكون ثريا ..لكن الثراء وحده لا يكفي ..فالسلطة جميلة اذا اقترنت بالثراء ..فلكم تمنى ان يكون ملكا على راسه تاج من الذهب وله رعايا وبحوزته كثير من النساء الجميلات ..اذا، ليكن اختياره ذكيا .. وبعد تفكير قال للمارد: ـ اريد ان اكون ملكا على مدينة كبيرة" -" هل انت متاكد ؟ " قالها المارد وهو ينحني بجثته العظيمه نحوه وكأنه يريد أن يلمس إصرار هذا الرجل ذي الهندام البالي ، على اختياره . -" نعم ..متاكد " -" لك ما تريد يا ...مهلا ..ماهو اسمك ؟ " -" اسمي .سلمان ..وادعى سلمان العتيق " -" لك ما تريد يا سلمان العتيق " .. وفجأة وجد نفسه في مكان فخم يحيط به رجالات بملابس ونساء بملابس فاخرة..التفت إلى نفسه وهو يرى انه أصبح بحلة زاهية جميلة يزين رأسه تاج من الذهب مرصع بالجواهر والأحجار النفيسة..هاثد تحققت امنيته واصبح ملكا ..كان يجلس كل يوم على عرشه يتولى مهام الملك وينظر بقضايا الرعايا ، وهو لا يفهم شيئا ، وضاق ذرعا وهو يرى الظروف تجري عكس إرادته، فاخذ يلجأ للقوة ، واضطهاد الرعية..حتى وصل باستبداده الأمر ان ثار عليه ذات يوم ،سكان المدينة التي يحكمها وهاجموا قصره وزحفوا الى الجناح الذي يحتله،وحاولوا اقتحام بابه بالطرق بالمعاول والعصي ، ،كان يرتجف من شدة الخوف واخذ يبحث عن -مصباحه العتيق فوجده بين ثنيات فراشه دعكه فخرج إليه المارد قال له بهلع : ـ اليك بأمنيتي الثانية : ـ عد بي الى ما كنت عليه فورا، وطر بي الى زريبتي. فتحير المارد وظن انه يمزح فأعاد عليه ، القول وهو يصرخ متهما اياه بالغباء ،.فامتثل المارد لطلبه وأعاده إلى زريبته ، فسر سرورا عظيما وحمد الله على سلامته . في اليوم التالي عاد سلمان العتيق الى حياته السابقة وراح من جديد يجول في الازقة القديمة ، ينادي بصوت منغم،ملؤه المرح والتفاؤل ويتوقف بين حين وآخر ليلاطف الصغار الذين يلتفون حول عربته ، يشاكسون حماره ،وبدلا من اطلاق الشتائم كان يمازح من يلتقي بهم عند اعتاب البيوت من النساء والرجال ، ويتلقى ما يلقى عليه من سطوح المنازل وهو يبتسم ، ولما ظهر له المارد ذات مرة وسأله عن امنيته الثالثة اجابه سليمان : هي ان تتركني بسلام فلا اراك ثانية. منقولة للأمانة
| |
|